الدلالة التاريخية والرمزية الدينية للبرنيق في مصر القديمة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدير عام آثار الإسکندرية - وزارة الآثار

المستخلص

إن عناية المصريين القدماء بتربية حيواناتهم تحتم علينا أن نبحث فى أصل عقائدهم الدينية، فقد کانوا يقدسون کثيراً من الحيوانات التى تتصل بحياتهم، وهم لم يقدسوا الحيوان لذاته، إنما قدروا فيه سراً من أسرار الخلق ولوناً من ألوان قدرة المعبود الخالق حسب مُعتقداتهم . والمصريون قد روعهم مشاهدة الحيوانات المفترسة والضرر الذى تلحقه بهم، فأخذوا يفکرون فيها ووجدوا أن خير سبيل إلى جلب خيرها أو اتقاء شرها أن يتقربوا إليها، وهم فى کلتا الحالتين إنما عبدوا الروح الخفى فى الحيوان الذى يتقمصها، وعلى ذلک فقد کانت هذه المعبودات الحيوانية ليست إلا مظهراً مجسداً لقوة الإله الخفى العظيم ولقد تضمنت بيئة المناقع المصورة على جدران مقابر أشراف عصر الدولة الحديثة العديد من أنواع الحيوانات المختلفة، والتي صُورت في المقابر منذ عصر الدولة القديمة وما تلاها من عصور مثل أفراس النهر، والتماسيح، والسلاحف، والضفادع، وربما سباع البحر أيضاً ، والنمس وثعلب الماء (ويُسمى الفضاغة) والتي استمرت في الظهور فيما بعد عصر الدولة القديمة ، إلا أن عصر الدولة القديمة امتاز بظهور الضفادع ضمن مناظر البرک والمستنقعات المصورة على جدران المقابر کما يتضح من منظر مقبرة "مريروکا"، بالإضافة لظهور السلحفاة في مياه المناقع حيث ظهرت ضمن مناظر مقبرة "محو"، في حين غابت القطة عن الظهور ضمن مناظر نفس الفترة. ويذکر Klebs أن فئران الحقول لم تظهر خلال عصر الدولة القديمة ضمن مناظر المناقع، ويذکر أنها ظهرت ضمن مناظر عصر الدولة الوسطى في مقابر بني حسن، حيث ظهرت بجانب منظر مبارزة الصيادين (عراک البحارة) وصيد الطيور، وهم کانوا يعيشون في ذلک الحين في الکهوف والمقابر.  وتجدر الإشارة إلى أن الاسم العلمي لحيوان البرنيق أو کما يتم تصنيفه تبعاً لفصيلة البرنيقيات هو (Hippopotamidae)، وهي فصيلة من الثدييات تتبع رتبة مزدوجات الأصابع، وهُناک نوعان فقط في هذه الفصيلة، وهُما فرس النهر القزم وفرس النهر. وهي تعتبر من الثدييات کبيرة الحجم ، ولها أقدام قصيرة، وجسمٌ مُمتلئ، وأفواه ضخمة، ورؤوس کبيرة، ولديهم أربعة أصابع، ويتغذون على النباتات. وقد کان البرنيق أو کما يُسمى فرس النهر واحداً من أهم الحيوانات التي ظهرت بکثرة في المناظر المصرية القديمة بالإضافة إلى  التمساح، حيث ظهرا ضمن مناظر مقبرة "خنم – حتب" ببني حسن في منظر لصيد الأسماک، حيث تواجد وظهر أسفل قارب الصيد من جهة اليسار فرس نهر يدير رأسه تجاه صاحب المقبرة فاتحاً فمه، وکأنه يحذره من أن يصطاده، وعلى الجانب الآخر يظهر تمساح، وأيضاً في المقبرة