آليات المحافظة على التراث المعماري بالمغرب خلال الفترة الاستعمارية : حصيلة وتقويم

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 أستاذ بقسم التاريخ والحضارة بجامعة ابن زهر بأغادير - اداب - المغرب

2 شعبة التاريخ كلية الآداب والعلوم الانسانية,، جامعة ابن زهر أكاديرgadir

المستخلص

مستلخص :

في إطار المراجعات والتطورات الحاصلة على مستوى الوعي بالذات والهوية الوطنية، يظهر التراث المعماري كمعطى حامل لأبعاد ثقافية عاكسة لمستوى وعي الشعوب والحكومات بذاتها ورغبتها في تحقيق المواطنة والاعتزاز بها. والمغرب كغيره من الدول التي خضعت للاستعمار خلال القرن الماضي بدأت فيه هذه الموجة من إعادة التفكير في جزء من التراث الحامل لذاكرة فترة من تاريخه الاستعماري خلال القرن الماضي. ينبغي التعامل معها بموضوعية وإيجابية. ذلك أن هذه الفترة أسست لمقاربة تراثنا المعماري والمحافظة عليه، وإن بمنظور غربي انتقائي ومصلحي. وآن الآوان أن يعاد النظر في تلك السياسة على ضوء مستجدات البحث ونتائجه وعمليات التنقيب الأثري ومكتشفاته.

يتكون هذا الموروث المعماري، الذي هو موضوع هذا المقال، من مدن ومواقع تاريخية، مثل مدينة فاس ومدينة الرباط ومدينة مكناس وغيرها من المدن التاريخية المغربية، بصمتها الفترة الاستعمارية بمخططاتها العمرانية وسياستها التدبيرية، كما طبقت فيها عمليات صون وترميم واسعة وفق توجهات مدارس الصون والترميم المتعارف عليه، وفي احترام تام للخبرة المحلية والنمط التقليدي للبنايات. يظل النقاش حولها موزعا بين مناصر ومعارض، بين من يجعلها مؤسسَة لمسلسل المحافظة على الموروث المغربي وآخرون يرون فيها سببا في حصار هذا التراث وتعطيلا لمسار تطوره التاريخي. وبينهما طرف ثالث يجعل من المغرب بلدا محظوظا بسلسلة الإجراءات والتدابير الاستعمارية المبكرة، تشريعات وقوانين ومؤسسات ودوائر إدارية ثم أوراش ترميم وإحياء لمعالم وآثار تاريخية، التي حدّت نسبيا من تأثير التحديث التقني على التراث المحلي به. وهم بذلك يعقدون مقارنات بين السياسة العمرانية للحماية الفرنسية بالمغرب ذات الطابع المحافظ، مع مثيلتها من دول العالم الثالث التي خضعت للحركة الاستعمارية والتي اتبعت فيها سياسات تدميرية غير مكترثة بتراث المجتمعات المحلية .

ورغم أن آليات المحافظة على التراث المعماري التي طبقت بالمغرب خلال الفترة الاستعمارية، كرست شعار عدم المساس بالتراث المعماري المغربي الأصيل ، وسعت إلى ترميمه وحمايتة، فلم تكن تخلو من رغبة في إبراز تفوق القيم الثقافية الغربية على القيم الإسلامية في ميدان العمارة وتخطيط المدن ..

واليوم، تحت ضغط الحداثة والتحولات الكبرى في حياة المجتمعات، نشهد عودة قوية إلى البحث عن أصالة الموروثات التقليدية واستثمار حمولتها القيمية في التعايش مع البيئة والمحيط، وتحقيق التنمية. فمرحلة النظرة الغرائبية إلى التراث المعماري الأصيل التي تكرست مع جيل المستكشفين والدارسين الغربيين ومرحلة التغني والتحدث بمزاياها وخصائصها ينبغي القطع معها، لنبدأ مرحلة جديدة من الواقعية، نعتبر فيها مدننا العتيقة فضاءات شكلت لزمن غير زماننا ولساكنة غيرنا، ووفق ظروف غير الظروف التي نعيشها وهذا المنظور يفرض علينا وضعها في إطار نسق فكري منتج لها، والغوص في الأبعاد والمقاصد التي تحكمت في إنشائها.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية