الآثار السلبية للحروب على العمران البشرى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بکلية اللغة العربية بالزقازيق – جامعة الأزهر

المستخلص

اهتم الإسلام اهتماما کبي ا ر بالبيئة وعمارة الأرض، وأوصى بز ا رعتها لما للز ا رعة من دورها فى الحفاظ على البيئة
من التصحر والجفاف وغير ذلک.
وشبه القرآن الأرض المزروعة والبساتين بالجنة، أوعدها من نعم الله على الإنسان .قال تعالى( :وَاضْ ربْ لَهُمْ مَثَلا ا
رَجُلَيْ ن جَعَلْنَا لأَحَ د همَا جَنَّتَيْ ن منْ أَعْنَا ب وَحَفَفْنَاهُمَا ب نَخْ ل وَجَعَ لنَا بَيْنَهُمَا زَرْع اا . کلْتَا الْجَنَّتَيْ ن آتَتْ أُکُلَهَا وَلَمْ تَظْل مْ منْه شَيْئ اا وَفَجَّرْنَا خلالَهُمَا نَهَ اا ر)
32 وقال تعالى) :کَمْ تَرَکُوا منْ جَنَّا ت وَعُيُون .وَ زرُو ع وَمَقَا م کَ ري م .وَنَعْمَ ة کَا نوا فيهَا - سورة الکهف : آية ( 33
25- فَا ک هينَ ) سورة الدخان :آية 27
وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمارة البيئة وز ا رعتها فقال”:إن قامت الساعة وفى يد أحدکم فسيلة– نخلة
صغيرة-فإن استطاع أن لايقوم حتى يغرسها فليغرسها)”المنتخب من مسند عبد بن حميد – حديث رقم 1216
وهذا يدل على حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على عمارة البيئة وز ا رعتها حتى لحظة قيام الساعة .وقال
صلى الله عليه وسلم موصيا أصحابه بعدم ترک الأرض بغير ز ا رعة فقال”:إذا کانت لأحدکم أرض فليمنحها أخاه
. ) أو ليزرعها )”سنن الترمذى – حديث رقم.( 1384
وکان من عقاب الله لعباده إذا ما حادوا عن الطريق المستقيم وخالفوا ش ا رئع الله أن تتعرض بيئتهم وأ رضهم للحرق
والتدمير .قال تعالى) :إ نَّا بَلَوْنَاهُمْ کَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّ ة إ ذْ أَقْسَمُوا لَيَصْ رمُنَّهَا مُصْب حينَ .وَلا يَسْتَثْنُونَ .فَطَافَ
) 17- عَلَيْهَا طَائ ف منْ رَبِّکَ وَهُمْ نَائ مُونَ .فَأَصْبَحَتْ کَالصَّ ري م )(سورة القلم :آية. 20
وقال تعالى( :أَيَوَ د أَحَدُکُمْ أَنْ تَکُونَ لَه جَنَّة منْ نَ خي ل وَأَعْنَا ب تَجْ ري منْ تَحْت هَا الْأَنْهَارُ لَه فيهَا منْ کُلِّ الثَّمَ اَ ر ت
وَأَصَابَه الْ کبَرُ وَلَه ذُرِّيَّة ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إ عْصَا ر في ه نَا ر فَاحْتَرَقَتْ کَذَل کَ يُبَيِّنُ اللَّه لَکُمُ الْْيا ت لَعَلَّکُمْ تَتَفَکَّرُونَ )
. ) (سورة البقرة :آية 266
وسار الصحابة على نهج نبيهم في الحفاظ على العم ا رن البشرى، وخاصة فى أوقات الحروب فهذا هو أبوبکر
الصديق الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوصى قادة جيوشه بالحرص على البيئة ، وما بها من زرع
وعمارة ، فقال للقائد أسامة بن زيد وجيشه أثناء توجههم للقتال): يا أيها الناس ، قفوا أوصيکم بعشر فاحفظوها
عنى : لا تخونوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاْ صغي اْ ر، ولا شيخ ا کبي ا ر ,ولا ام أ رة ، ولا تعقروا نخلاْ ولا تحقروه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعي ا ر إلا لمأکلة ، وسوف تمرون بأقوام قد
) فرغوا أنفسهم في الصوامع ،فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ) (تاريخ الطبرى – ج 1 ص 230
واذا کان السلام يساعد فى الحفاظ على البيئة ومکوناتها إلا أن الحروب أحيانا ما يکون لها قواعد مخالفة لهذا
النهج الرباني والنبوى، وتجبر ظروف الحرب أحيان ا أحد الطرفين أو کليهما للإض ا رر بالعم ا رن البشرى بقصد أو
بغير قصد ,وتلقى بآثارها السلبية وظلالها االمدمرة على الإنسان والبيئة، ولذلک کانت الحرب فى الإسلام للضرورة
القصوى وليست ترف ا أو رغبة فيها ,وسنورد خلال البحث بعض الحروب التى أضرت بالبيئة وبالعم ا رن البش رى
ضر ا ر مباش ا ر ,وثار حولها جدل کبير ,واستمرت آثارها فترة من الزمن ,مثل غزوة بنى النضير ,وحروب المسلمين
مع الکاهنة فى بلاد المغرب ,وثورة أهل الربض بقرطبة ,لتکون أمثلة لأثر الحروب السئ على العم ا رن .وقد حاول
المسلمون معالجة هذه الْثار السيئة قدر المستطاع ,مستندين فى ذلک إلى مبادئ التشريع الإسلامى التى أقرها
الشرع لحماية البيئة والعم ا رن ,والحفاظ عليهما .وهو ما سنعرفه إن شاء الله من خلال صفحات البحث.