الجانب العمراني لمدينة واسط وسبل التحصينات الدفاعية فيها “ دراسة تاريخية في جذور بناء أقدم مدينة مدورة في العراق بعد الإسلام

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 جامعة ديالى/ کلية التربية الأساسية / قسم التاريخ

2 جامعة ديالى/ کلية التربية للعلوم الإنسانية / قسم التاريخ

المستخلص

إن من أبرز وأهم المدن التي أسست في العراق لأسباب إدارية وعسکرية مدينة واسط ، وهي کذلک من أولى المدن التي بنيت وأسست في العهد الأموي لتکون مستقراً لوالي العراق الحجاج، فلم يکن يأمن البصرة أو الکوفة أو الإقامة فيهما ، فبنى مدينة واسط حتى تکونَ مقراً لحکمهِ معسکراً لجنده الشاميين ، بعد أن أنهکتهُ حروب وثورات العراق على حکم الأمويين ، ومن هذا فقد بنيت واسط على ضفاف دجلة ، وقد استغرق العمل فيها من سنة 78هـ حتى سنة 86هـ.
      ويبدو أن عوامل تأسيسها کانت سبباً آخر من أسباب شکلها المدور والذي يعد الأول في بناء أول مدينة في العصور الإسلامية بهذا الشکل والتي سبقت مدينة المنصور )بغداد المدورة ( بعقود من الزمن ، ويبدو أن الحجاج تأثر بما شاهدهُ أو سمعهُ عن مدن بلاد فارس أو الروم البيزنطينيين والتي أخذت شکل البناء المدور والذي يمثل الشکل الأنسب للمدن العسکرية أو التي أنشئت للأغرض العسکرية بالدرجة الأساس ، وهکذا ولأجل أن تکون مدينة واسط محصنة ضد کل طارئ لم يغفل مؤسسها وجود نهر دجلة فجعل المدينة شطرين يقسمها دجلة ويزودهما بما تحتاجهُ من مياه للشرب والسقي ، وجعل شکلها المدور على شطرين يربط بينهما جسور للتنقل والدفاع وقد أخذ بنظر الاعتبار إمکانية فصل هذه الجسور في حال سقطت احدى شطري المدينة فيبقى الشطر الآخر محمياً بالمياه وبالأسوار .
    کما أن المدينة کانت غاية في الجمال والروعة ، رغم أنها أنشئت کما قلنا لأسباب عسکرية وهو ما دفع ابن بطوطة الرحالة الشهير لذکرها بأنها “ مدينة حسنة الأقطار کثيرة البساتين والأشجار” . مضافاً إلى الأسوار والخنادق والتحصينات التي بنيت حول المدينة، ولم ينس مؤسسها أن يجعلها مدينة ذات نماذج معمارية وإسلامية متطورة يتوسطها القصر )قصر الحجاج ( ومنارتها المرتفعة نحو أحدى عشر متراً ومسجدها الکبير .
لعبت واسط أدواراً عدة کونها جمعت بين الجوانب الإدارية والسياسية والعسکرية ، و ما دفعنا لاختيار مدينة واسط هو أهمية تلک المدينة ، فقد أوعز بعض الباحثين استقرار الحالة السياسية في العراق إلى بناء تلک المدينة ، ومن جهة أخرى فإن أسباب بناء مدينة واسط کان يختلف في مجمله عن أسباب بناء المدينتين الأخرتين البصرة والکوفة، وتمثل ذلک الاختلاف في طريقة بنائها ، کونها مدينة محصنة بالصور أو السورين کما يذکر بعض المؤرخين ، والخندق أو الخندقين کما ذکر البعض ، فالعرب لم يکن يهمهم بناء مدن محصنة لأنهم کانوا على الدوام في حالة قتال وجهاد ومهاجمة ، ولعلنا لا نغالي إذ قلنا ان بناء مدينة واسط في العراق کان بداية للتفکير في بناء مدن محصنة يکون غرضها إدارياً ويجمع إلى ذلک الحصانة والميزة العسکرية إلى جانب کونها ضمن جوانب أخرى تطرق لها هذا البحث .
ولقد بقيت واسط حتى بعد وفاة مؤسسها الحجاج تؤدي أغراضاً مهمة وبقيت حصانتها حتى عشرات السنين وتطورت من مدينة إدارية إلى مدينة ضمت فى طياتها عوامل أخرى کالتجارة والزراعة ولم تضمحل أو ينتهي دورها ، وهو ما يدلل على أهمية موقعها ودقة وصحة الاختيار.
لقد اقتضت الدراسة تقسيمها إلى ثلاثة محاور ، المحور الأول:  يتضمن الموقع والنشأة لمدينة واسط ،أما المحور الثاني:  فقد سلطنا الضوء على تخطيط المدينة وخططها وابرز واهم وسائل الدفاع والتحصينات فيها ، اما المحور الثالث : فقد رکز على عامل اختيار المدينة وأهميتها وبقائها فترة طويلة من الزمن وصمودها بوجه العباسين بعد نهاية الخلافة الأموية .

الكلمات الرئيسية