العمارة الإسلامية من استقراء التراث العمرانى إلى استنباط نظرية للعمران الإسلامى المعاصر

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس العمارة والتخطيط العمرانى بقسم التخطيط العمرانى، کلية الهندسة، جامعة الأزهر

المستخلص

تمثل الحضارة الإسلامية أحد أهم مراحل الإنجاز الحضارى Civilization Achievement التى أثرت حرکة الإنسان على الأرض، ويحتل العمران والعمارة الإسلامية وعاءها المادى وأحد روافدها مکانة متميزة بين مختلف الأنماط العمرانية والمعمارية التى عرفتها الحضارة البشرية عبر الزمان والمکان . حيث امتدت أنماط التراث العمرانى الإسلامى عبر مختلف العصور الإسلامية من جاکرتا إندونيسيا إلى طنجة المغرب ومن غانه إفريقية إلى فرغانه آسيا، فى تکوينات عمرانية تخطيطية وتنويعات وتشکيلات معمارية متفردة ، وبالرغم من  تعدد العصور الإسلامية واختلافها وتعدد الجوانب الحضارية لها، إلا أنها قدمت نموذجا عمرانيا متکاملا (منهج ونظرية وتشريع) عبر بصدق عن شخصية وخصائص المجتمع الإسلامى وغايات ومقاصد نموذجه الثقافى عقيدة وشريعة وأخلاقاً التى کانت وراء الحرکة المادية الإبداعية .
ويجد المخطط والمعمارى المسلم المعاصر نفسه أمام معضلة حضارية/عمرانية، فهو من جهة يقف منبهرا بالنموذج التراثى للعمران الإسلامى وإبداعه الفنى والجمالى والهندسى والبنائى . ومن جهة يقف حائرا أمام النموذج العمرانى الغربى المعاصر بمناهجه ونظرياته وتشريعاته المعمارية والتخطيطية وتقنياته وطرق ومواد البناء، الذى أحدث تغييرات حضارية وعمرانية دراماتيکية تهدد استدامة المجتمعات الإسلامية ومواردها وثرواتها الطبيعية والبشرية ، ويقف عاجزا من جهة أخرى عن صياغة نظرية عمرانية معمارية وتخطيطية تکون منطلقا فکريا ومصدر إلهام يسد الفجوة بين الماضى والحاضر، ويصل الإنقطاع الفکرى والإبداعى فى الفکر العمرانى الإسلامى ويساهم فى بناء نموذج العمران الإسلامى المعاصر) منهجا ونظرية وتشريعا(
وتتمحور مشکلة البحث حول غياب غايات الفلسفة والفکر الإسلامى عن تشکيل وعى ووجدان وتفکير المعمارى والمخطط المسلم المعاصر، بمعنى غياب النظرية المعمارية التى تمثل المنطلق الفکرى الإسلامى المحفز لعمليات التصميم والتخطيط الإبداعى، الأمر الذى انعکس على إنتاجه المعمارى والتخطيطى ولم يعد يعبر عن المجتمع الإسلامى المعاصر، ومن ثم يهدف البحث إلى استنباط نظرية للعمران الإسلامى المعاصر تنبع من استقراء متغيرات التراث العمرانى ومن فقه ثوابت النموذج الثقافى الإسلامى، وتقدم مسارا فکريا معاصرا مستمدا من محاولة فهم مکنونات ومضامين التکوينات التخطيطية والمعمارية ومرتکزا على إطار معرفى لقيم ومقاصد الشريعة الإسلامية .
ويرتکز البحث على المنهج التاريخى الوصفى لنشأة وتطور التراث العمرانى الإسلامى عبر العصور المختلفة، وعلى المنهج الاستقرائى التحليلى لمجموعة منتقاة من الأنماط العمرانية المعمارية والتخطيطية لمعرفة الأسس المعمارية والتخطيطية لها وعلى أسرار تشکيلاتها ونتاجاتها الإبداعية ، ومن ثم استخدام المنهج الاستنباطى
لکشف واستخراج الغايات والمقاصد العمرانية الکامنة التى يمکن أن تشکل نظرية عمرانية معاصرة يرتکز عليها المعمارى والمخطط المسلم المعاصر لحل مشکلات وتحديات العولمة ليسهم فى صياغة ملامح عالم أفضل بيئة ومجتمع وعمران .

الكلمات الرئيسية