عمــارة البيــت الحـــرام وتعــظــــيم مــکانتــه فى الإســــــلام (رؤية تصميمية معاصرة للحفاظ على الطابع التاريخى والتراثى للشکل المعمارى لمنطقة المسجد الحرام بمکة(

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم العمارة بکلية تصاميم البيئة - جامعة الملک عبد العزيز- السعودية

المستخلص

فى الآونة الأخيرة ظهرت تصميمات لأنماط مختلفة من العمارة حول الحرم الشريف، وجاءت بأشکال متعددة، وارتفعت المبانى بارتفاعات شاهقة حول الحرم فى الجهات المسطحة الخالية من الجبال، فاختفى المسجد الحرام بين تلک المبانى وأصبح لا يُرى إلا من ثنايا هذه المبانى، ناهيک أن المسجد الحرام يقع بوادى منخفض انخفاضاً کبيراً، کما أکد ذلک القرآن الکريم على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومکة المکرمة العاصمة المقدسة، مدينة لها وضع خاص جاذب للمسلمين، فهى خير بقاع الأرض وأطهرها وأحبها إلى الله ورسوله (ص) ومهبط الوحى. مکة المکرمة أحب البلاد إلى الله ورسوله، لقد وردت النصوص الشرعية المثبتة أن هذا البلد الحرام هو أفضل البلاد وأحبها عند الله عز وجل، وأن الله اصطفى هذه البقعة وحرمها منذ خلق السماوات والأرض فوجب الحفاظ على إظهار عمارة المسجد الحرام والمنطقة المحيطة به، ومن هنا تأتى مشکلة البحث: حيث إن السرعة التى واکبت التطور العمرانى لمنطقة الحرم الشريف کان لها أثرها السلبى على المسجد الحرام، فلم تکن المبانى موافقة للتراث، ولم تکن بارتفاعات تحفظ للمسجد الحرام مکانته وهيبته أيضاً، ولم تکن بعيدة عن الحرم الشريف، بل ملاصقة للمسجد الأمر الذى تسبب فى تشويه عمارة المسجد الحرام، کما افتقدت المبانى الجديدة للمفرادات التشکيلية المميزة للتراث الإسلامى أو للطراز الحجازى، بل جاءت بطريقة سطحية بعيدة عن الطراز الإسلامى تماماً. ويهدف البحث إلى الاهتمام بمنطقة الحرم الشريف وما حولها، إذ أن مکة المکرمة  ليست مدينة إسلامية فقط، أو مجرد ظاهرة جغرافية أو تاريخية فحسب، بل هى أولاً وقبل کل شىء ظاهرة دينية اتسمت بتقديس وتعظيم من الله سبحانه وتعالى ورسوله الکريم صلى الله عليه وسلم حسب ما جاء فى التشريع الإسلامى. حيث إن الطابع التاريخى للمکان يفرض علينا الحفاظ على هيبة ووقار أهم وأشرف المساجد على وجه الأرض، فهو بيت الله العتيق وأول مسجد وضع على الأرض، ونظراً لأهمية ارتفاعات المبانى فى منطقة المسجد الحرام بمکة المکرمة کان الواجب أن تلتزم خريطة التخطيط بابتعاد تلک البنايات عن المسجد بمسافة کافية تحفظ الرؤية لمشاهدة المسجد من بُعد تعظيماً وشرفاً لهذا المسجد، وحفاظاً على وقار وهيبة بيت الله الحرام، وأن لا يکون بجواره بناء يعلو عليه ولا يساويه ارتفاعاً ولا يؤثر عليه وعلى طابعه التاريخى، إنطلاقاً من أوامر الشريعة التى فرضت علينا تعظيم شعائر الله، مروراً بـالحفاظ على التراث المعمارى والهوية الإسلامية للمنطقة، وصولاً إلى تحقيق الجوانب الجمالية للعمارة الاسلامية، فالعمارة هي وعاء الحضارة، وهي تمثل الهُوية الثقافية والمستوى الإبداعي والجمالي للإنسان. ويفترض البحث بعض الحلول التى قد تحقق الأهداف: والمستوحاة من نماذج عديدة فى کثير من الدول، التى ابتکرت فنادق تشبه الکهوف فى الصخور الجبلية، وتُعد هذه الفنادق من أهم ما يميز تلک الدول، ومن هنا يمکن إستغلال
 المناطق الجبلية المحيطة بالحرم الشريف وإعادة صياغتها بتصميمات معمارية تکون فى شکل فنادق ومنازل لزوار
 بيت الله الحرام، مع الحفاظ على التکوين الشکلى الأصلى لتلک الجبال للحفاظ على الطابع التاريخى للمنطقة، وتظل تحمل خصوصيتها التى کانت عليها.