القيم الرمزية والإبداعية للطراز الإسلامي في العمارة والتصميم الداخلي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم التصميم الداخلي والأثاث – کلية الفنون التطبيقية – جامعة بنها

المستخلص

تکمن أهمية دراسة التراث الإسلامي في کونه " الرصيد والمخزون المتميز" الذي يميزه الثبات والإستمرارية معاً، ويجمع في أعطافه القيمة الروحية والجمالية ، بالإضافة إلى کونه حقيقة مادية ملموسة فرضت قبولها واحترامها لکونها توثيقاً صادقاً لثقافة المجتمع ووحدة منهاجه وملامحة الشخصية والفکرية عبر العصور .
ويعد التراث الإسلامي في العمارة والتصميم الداخلي تسجيلاً صادقاً لثقافة المجتمع، فهو نتاج الموروث المادي والتشکيلات الجمالية التي استمرت وأثبتت أصالتها وقيمتها في مواجهة التغير المستمر والثورات الفنية المتعاقبة بل وأجبرت العالم على احترامها.
لذا فإن مفهوم التراث الإسلامي في العمارة والتصميم الداخلي يحتوي على شقين أساسيين :
-          الشق الفکري : ويتمثل في المفاهيم والأفکار والمعتقدات والقيم الثقافية .
-          الشق المادي:  الذي يتجلى في الأعمال والأشياء التي صارت للوارثين .
مما يخلص بنا إلى ترجمة حياة المجتمع الإنساني فهو نتاج للخبرات والمهارات والإبداعات التي أفرزها المجتمع عبر تاريخه.
لقد ثأثر الفن الإسلامي بفنون الحضارات التي احتواها الإسلام تأثراً خلاقاً، حيث العبقرية والتجديد مما يدفع بحلقات تطور الفن حتى تصل إلى غايتها وإلى التبلور المتکامل للتشکيل .
وإذا کان الفن الإسلامي قد تأثر منذ نشأته بفنون البلاد التي فتحها وخاصة الساساني والبيزنطي منها، إلا أنه استبعد منها الجوانب الأسطورية وفنون المحاکاة الشکلية النوعية أو الخاصة وتکويناتها الموروثة والمنقولة والمبتکرة، ثم عالج فنونها التجريدية بما يتفق مع تعاليم الدين الإسلامي وروحه وفلسفته ؛ وبهذا تميز الفن الإسلامي بقسماته عن الفنون التي تأثر بها وعن باقي الفنون الدينية.
وقد وجد الفن الإسلامي طريقاً سهلاً إلى امتصاص الفنون المختلفة التي تأثر بها وصهرها في بوتقته الشخصية ؛ لأن کافة هذه الفنون تنظمها روح الشرق التي تتجه بطبيعتها نحو التجريد وتحوير الأشکال الطبيعية وتنسيقها في صيغ ذات إيقاع وتکوينات هندسية وزخرفية.
ولقد استنبط المعماريون المسلمون نظاماً معمارياً مميزاً متکاملاً من حيث التشکيلات والتراکيب المعمارية والزخرفية التي تکون في مجموعها الطراز الإسلامي الموحد في روحه وطابعه، وإن اختلف في بعض تفاصيله من إقليم لآخر.
ويرجع البعض سر الوحدة التي تجمع الفنون الإسلامية وتتجلى في الطراز الإسلامي إلى توحد الخط العربي الذي يکتب به المصحف الشريف، کذلک طابع الفکر الشرقي وتفاعله مع البيئة في البلاد التي انتشر فيها الدين الإسلامي .
هکذا تهيأت نفوس أهل هذه البلاد ذات البيئة الواحدة، والمناخ المتقارب والبيئة الصحراوية، لتقبل الأشکال الفنية نفسها والفلسفات العقائدية التي تکتمل في أي بلد منها، خاصة وأنه لا توجد فوارق في الطبيعة الجغرافية بين مختلف البلاد الإسلامية إلا في ترکيا والهند وحدهما، حيث تتساقط الأمطار بما لا تعرفه الأقطار الأخرى، وهو ما استدعى تغييراً في بعض التشکيلات المعمارية عن بقية البلاد الحارة والجافة الصحراوية، وإن لم يمنع ذلک دون شمولية الوحدة التعبيرية عن العقيدة الإسلامية في هذين الإقليمين، مثل باقي الدول الإسلامية، فظلتا تستخدمان نفس العناصر الزخرفية والخطوط العربية والعناصر المعمارية کالمئذنة والقبة والعقد التي تتطلبها الناحية التشکيلية بقدر ما تفرضها مراعاة الناحية الوظيفية في تدعيم الجامع ليتفق وإقامة شعائر الصلاة وطريقة انتظام المصلين صفوفاً عرضياً في مواجهة حائط القبلة.
لذا وجب علينا التعرض لهذا الموروث والحفاظ عليه مع عرض بعض معطيات البيئة الطبيعية التي تمثل فيضاً من العطاء عبر موجات الزمن.