نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
الأستاذ المساعد بکلية الآداب جامعة کفر الشيخ
المستخلص
تمتعت إيران بشهرة واسعة في مجال إتقانها لمختلف الفنون, فقد أسهمت منذ أقدم عصورها التاريخية بدور بارز في تطوير الفن الإسلامي عامة وفي تطوير فن صناعة التحف التطبيقية وخصوصاً التحف المعدنية، حيث وصلت في هذا المجال لدرجة عالية من النضوج والإبداع الفني ، تلک الدرجة التي لم يصل إليها غيرها من الشعوب الإسلامية الأخرى ، حيث عرف هذا الشعب کيف يتقن ويبدع في منتجاته الفنية المختلفة, کما استطاع أن يضفي عليها نوعاً ومظهراً من مظاهر الفخامة والعظمة التي اتسم بها حکام إيران.(1)
وقد تميزت المشغولات والمنتجات المعدنية بتعدد أشکالها وتنوع المواد الخام المصنوعة منها ، وکذلک اختلاف وتعدد الأساليب الصناعية والزخرفية المتبعة في صناعتها وزخرفتها ، وقد تنافس صناع تلک المعادن - وخصوصاً في الفترة القاجارية- في إنتاج قطع فنية فريدة وشديدة الإثارة والإتقان حرصاً منهم على إرضاء ملوک هذا العصر.(2)
حيث إن الأعمال الفنية القاجارية تتسم بسحر بسيط يتجسد من خلال تفاصيل فنية متعددة عبرت بصدق عن مرحلة استعادت فيها إيران الحياة مرة أخرى خلال القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي.(3)
وازدهر فن التصوير خلال العصر القاجاري على يد کوکبة من الفنانين والمصورين الذين أسهموا في إيقاظ فن التصوير الإيراني من سباته العميق الذي دام لفترة طويلة امتدت من نهايات العصر الصفوي وحتى بدايات العصر القاجاري, تلک الفترة التي شهدت انتکاسة واضحة لفن التصوير, حيث يرى مؤرخوا الفن الإيراني أنه على الرغم من وجود أعمال فنية تنتمي لتلک الفترة ، إلا أنها کانت ضعيفة على المستوى الفني إذا ما قورنت بمثيلاتها التي تعود للعصر الصفوي أو تلک التي أنتجت فيما بعد في العصر القاجاري.(4)
فقد استيقظ فن التصوير الإيراني في العصر القاجاري على يد نخبة من الفنانين الذين عشقوا فن التصوير الإيراني, فراحوا يعبرون عن مدى عشقهم هذا من خلال أفکارهم وأدواتهم الخلابة التي أسهمت في استعادة نهضة فن التصوير الإيراني مرتدياً حلة جديدة جعلت منه فنًّا مميزاً لا تخطئه عين الناقد أو المشاهد لتلک الأعمال الفنية ، لذلک ظهر ما يعرف بالتصميم الزخرفي الجيد بمعناه الصحيح حيث يعطينا التصميم الترکيبي ويؤکد استناداً على صفاته الجميلة ووظيفته ؛ ولهذا يجب ألا يکون التصميم الزخرفي وحدة منفصلة عن العمل.(1)
وتقوم هذه الدراسة على دراسة کأس من النحاس بمجموعة سمو الأميرة موضي بنت عساف(2) بالرياض بالمملکة العربية السعودية ينشر لأول مرة ، مزين بزخارف الکائنات الحية والزخارف النباتية والهندسية التى لا تقل أهميتها عن مثيلاتها في تصاوير المخطوطات القاجارية والتحف الإيرانية المزخرفة بالمينا أو اللاکيه مما يجعله نموذجاً جيداً لدراسة التصوير القاجاري على التحف المعدنية ، بالإضافة إلى أنه يلفت انتباه المتخصص في الآثار والفنون الإسلامية بما يشتمل عليه من زخارف، وعلاوة على ذلک لم تتطرق إليه دراسة سابقة, وسيتم تناوله عن طريق الدراسة الوصفية، يليها الدراسة التحليلية والمقارنة، ثم النتائج التي توصل إليها البحث .
(1) رحاب إبراهيم أحمد أحمد الصعيدي: التحف الإيرانية المزخرفة باللاکيه في ضوء مجموعة جديدة في متحف رضا عباسي بطهران دراسة فنية مقارنة, مخطوط رسالة دکتوراه, کلية الآثار, جامعة القاهرة, 1431هـ/2010م, ص2.
(2) منى محمد بدر: ثلاث تحف قاجارية من النحاس مزخرفة بتصاوير من المينا الملونة, مؤتمر الفيوم الخامس, 2005م, ص14.
(3) Bernard Lewis: The World of Islam, Thames and Hudson, 1997,p.271.
(4) دوجلاس باريت: الفن الإسلامي ببلاد فارس, (د.ت), ص36.
(1) فريال عبد المنعم: نظريات في أسس التصميم والإفادة منها في إنتاج تصميمات زخرفية معاصرة, مخطوط رسالة دکتوراه, کلية الفنون التطبيقية, جامعة حلوان, 1979م, ص193.
(2) الأميرة موضي: هي والدة سمو الأمير محمد بن فهد بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود،ولقد اشتهرت سمو الأميرة بحبها الشديد لاقتناء التحف الأثرية، من بينها هذا الکأس, وهى بصدد إنشاء متحف في الرياض بالمملکة العربية السعودية.