سينوجرافيا العرض المسرحي بين الواقعية و التجريدية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بکلية الفنون الجميلة ـ قسم الديکور ـ جامعة المنيا

المستخلص

تعرض مفهوم السينوجرافيا للکثير من  التغير والتطور طبقاً لمعطيات العصر والتطور المتلاحق للحرکات التشکيلية وتقنيات العرض المسرحي، فبينما کان هذا المفهوم في عصر الإغريق يعبر عن زخرفة اللوحة الخلفية و المنظر المسرحي المرسوم، نجده في فترة عصر النهضة اتجه إلى محاکاة الطبيعية في رسم الخلفية المنظرية المُتأثرة بعلم المنظورالمسرحي، إلى أن جاءت الواقعية حيث کان المنظر المسرحي فيها وظيفياً أي أنه يحاکي الزمان والمکان ويرسل للمشاهد علامات سيميولوجية دلالية بذلک . وفي الحقبة الحديثة ومع بداية ظهور اتجاهات الفن الحديث وتجارب التشکيليين المضادة للواقعية، طفا على السطح مفهوماً جديداً للسينوجرافيا ناسخا ماقبله من کونه زخرفاً وطارحاً رؤية منظرية حديثة تحيله إلى معادلاً تشکيلياً للنص .
ومع ظهور المدارس والحرکات والاتجاهات والمذاهب التشکيلية کالدادية ، السريالية والتجريدية ، تحول المنظر المسرحي أو الصورة المرئية إلى عنصرا رئيسيا في العرض المسرحي ، منتجاً رؤية بصرية تشکيلية جديدة تطرح الدوافع والأحلام في صور مرئية مغايرة للواقع ومحاکية للعالم الداخلي للإنسان . فقد ساهم التکعبيبيون - على سبيل المثال - في إظهار الجوانب غير المرئية من الصورة، فظهرت أعمال بيکاسو في المسرح لاغية لقواعد المنظور المتعارف عليها، ثم جاءت المدرسة التجريدية عند "بيت موندريان" ، فظهر الاتجاه نحو معالجة الشکل بتحويره ثم إعادة ترکيبه و تحويله ثانيةً إلى أن يصل إلى صورة تشکيلية جديدة لا تمت للأصل ولکنها تدل على جوهره . ومن هنا تحول مفهوم السينوغرافيا إلى ما يشبه لغة التشکيل في الفراغ المسرحي. وقد ساعد على ذلک التقدم التقني لوسائل الإضاءة وحرکة الخشبة المسرحية ،  ليطفو بذلک على السطح مرة أخري مفهوما جديدا للسينوجرافيا وهو ما سوف يتم تناوله بالبحث في الفترة الزمنية ما بين الواقعية والتجريدية من مراوغة لهذا المصطلح بين الاختفاء والظهور وعلاقته التي لا تنفصل عن الفن التشکيلي و جميع وسائل وعناصر العرض المسرحي .