عندما ظهر الإسلام فى القرن السابع الميلادى لم يکن فن التصوير العربى ذو ملامح محددة ، بل کانت هناک محاولات فنية متواضعة مأخوذة مباشرة عن الفنون الأخرى، وکان الشعر هو مجال العرب الأول ، إلا أن العقيدة الإسلامية بما اتسمت به من قوة روحانية هائلة فرضت واقعا جديدا ، وکانت لغة القرأن دائما حاضرة فظهرت طرز الکتابة العربية التى أصبحت سمة مميزة للفن الإسلامى، مع سيادة التجريد الزخرفى الذى يتناسب مع جوهر العقيدة ، ولما دخل الإسلام العديد من الدول ظهرت أشکالا جديدة من الفنون وخاصة مع تلک الدول التى لديها حضارات عريقة ، ولم يعد الفن الإسلامى هو فن لدولة أو شعب محدد بل هو فن حضارة تشکلت. ويعد مجال التصوير أحد أوجه الفن الإسلامى الذى لم ينل شهرة واسعة مثلما حظيت العمارة أو فن الخط العربى ، مع أنه لقى اهتماما کبيرا عبر ولايات وعصور مختلفة حتى صارت له أربعة مذاهب وهى المدرسة العربية والفارسية والترکية والمغولية، ويهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على هذا الفن الذى جعل من المخطوطات مجالا خصبا حيث تمثل التصوير فى صيغة رسوم توضيحية تعبر عن مضمون تلک المخطوطات ، والتى کانت نتاج فنا تطبيقيا خالصا ، حيث يقوم المسئول عليها بعملية تحديد أماکن المتن والصور على الصفحات واختيار المتن الذى يمکن التعبير عنه فنيا ، وقد غطت المخطوطات العديد من المجالات الجادة المختلفة ، وفى هذا البحث يتم إلقاء الضوء على أحد أبرز رموز التصوير الإسلامى وهو الواسطى، الفنان المصور الذى ينتمى إلى القرن الثالث عشر الميلادى، والذى قدم عملا فنيا جسد فيه ملامح التصوير الأسلامى فى هذه الفترة ، والعمل الفنى الأول فى هذا المجال الذى عرف باسم مبدعه .