جماليات الخط العربي وتشکيلاته في الواجهات المعمارية الزجاجية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بکلية الفنون التطبيقية _ قسم الزجاج _ جامعة دمياط

المستخلص

في مسيرة الکلمة العربية منذ البعثة المحمدية إلى عصرنا، تبين أن للحرف العربي صورة تشکيلية، أضافت إلى إمکاناته بعداً ثالثاً، بعد أن کان بعده الصوتي وحده صورة متميزة، وبعده المعنوي الذي يتکون باشتراک الحروف في أداء المضمون والمفاهيم کانت من دقة الدلالة وروعة الأداء، حتى جعلت علماء اللغة يتفرغون لدراسة تفرعات التعبير، بين ترادف وتقابل وتضاد، دراسة أبرزت ثراء مفردات اللغة العربية القرشية، التي جمع القرآن الکريم العرب جميعاً عليها، واندثرت أو کادت لهجات القبائل الأخرى. هذا البعد الثالث، کان شکله الطيع المتوحد، الطيع في قبوله للتشکل وإمکانية التنوع في الصورة، والمتوحد على اختلاف أوضاعه بين انفراد وارتباط في أول الکلمة وآخرها ووسطها.  تتجلى تقنيات الزخرفة الحروفية في العمارة الإسلامية، من خلال أساليب متنوّعة، أتقنها المعمار المسلم، مرتقياً بها إلى مستويات متقدمة ومبدعة. ومن ضمن تلک التقنيات الشائعة في نماذج العمارة الإسلامية، إکساء الجدران الخارجية والداخلية للمنشأ بتربيعات خزفية، غالباً ما تکون ملونة وذات بريق معدني. وعادة ما يکتب الفنان المسلم «خطوطه» عليها بأنواع مختلفة من أساليب کتابة الخطوط ولاسيما أسلوب الکتابة في «الثلث». ويلجأ المعمار المسلم إلى هذه الوسيلة من الإکساء، من أجل الحصول على مزايا إيجابية لمبناه نابعة من تلک الاستخدامات مما يضفي إلى هذه العمارة تلک الخفة والرشاقة التي تميزها عن منتج العمارات الأخرى. 
والخط العربي کظاهرة فنية وجمالية غرست عميقاً في الفکر العربي والإسلامي على المستوى الثقافي والإيديولجي وتختصر الکثير من التأويلات الحديثة، بسبب قدرتها على اسقاط عاملي الزمان والمکان لصالح الفکر الجمالي. إن دور الحرف بحد ذاته کان في نفس الوقت مفارقة للذاتية وکشفاً للحقيقة، سرعان ما أصبح صرحا فنيا قائما بذاته ذلک الفن الذي لم ينفرد بنفسه کوسيلة تعبير ذهنية بل تخطاها عبر الفن المعماري ولقد ظلت اشکاله الفنية المتنوعة الغنية بطاقاتها التجريدية إلى الحد الذي عبرت باستمرار في المعطى الروحي للحضارة وذلک باستمرارظهورها کلوحات حائطية على جدران المسجد أوککساء من القاشاني للمنابر والقباب، أو کنص کتابي للقرآن ضمن تکوين زخرفي عام ومن هنا، فأن الاکتشاف المعاصر للخط کحرف ودلاله وقيمة جمالية هو بدورهاستمرار غيبي لعقلية فنان متجاوز لذاته وواقعه النسبي في سبيل أن يستقصى أصوله من جذوره وأن يطور ابداعه عبر ثماره.