مظاهر التأثير والتأثر بين الحضارتين الإسلامية والصينية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس التاريخ والحضارة بکلية الدراسات العربية جامعة نينغشيا – الصين

المستخلص

عرف العالم منذ القدم حضارات مختلفة، نشئت بينها علاقات سادها الود أحيانا وأحيانا أخرى صراع وصدام مرده إما الحرص على الزعامة والسيادة وإما الدفاع عن البقاء. لکن تبقى العلاقة بين الحضارتين العربية الإسلامية والصينية ذات طابع خاص مختلف؛ إذ أنها على مدى تاريخها تميزت بکونها ودية لم يشبها شائبة صراع أو خلاف جوهري –إلا فيما ندر- مما جعلها نموذجا فريدا للعلاقات بين الأمم.
وقد کانت التجارة من أهم وسائل نقل المؤثرات الحضارية وتبادلها، حيث کانت وما تزال لهم مظاهر العلاقات البشرية والمعبر الذي حمل النماذج الحضارية بين البلدان المختلفة، وهي التي هيأت لمزيد من التفاعلات الحضارية بينها. کذلک کان للتجارة الدور الکبير في تطور علم الجغرافيا وعلو البحار واکتشاف البلاد ومعرفة حدودها ومواردها ومنتجاتها وعاداتها وتقاليدها.
کذلک کان لها دور في نشوء مظاهر أخرى للعلاقات البشرية تمثل في استيطان التجار واستقرارهم في البلاد التي زاروها وتزاوجهم مع أهل تلک البلاد؛ مما خلف تأثيرا متبادلاً في شتى جوانب الحياة سواء في الجانب الاقتصادي او الاجتماعي او السياسي أو الحضاري.
وقد تجسد هذا الأمر بصورته الکاملة في حالة العلاقة بين بلاد العرب والصين، فقد کانت التجارة هي العامل الرئيس في معرفة العرب بالصين والعکس، وکان وصول التجار العرب إلى الصين قد حدث منذ وقت مبکر في التاريخ.  وکانت العلاقة بين العرب والصينيين في طورها الأول قائمة على تبادل الحاجات، ثم تطورت إلى تبادل مصالح، ثم إلى تبادل ثقافات وأفکار تحول إلى تبادل مؤثرات حضارية متکاملة، خاصة عندما تقاربت حدود الدولتين.
سأسعى خلال هذا البحث إلى إبراز التأثير المتبادل بين الحضارتين العربية الإسلامية والحضارة الصينية في مناحي الحياة المختلفة، راجيا من المولى عز وجل التوفيق والسداد.