الحضارة- وبناء الإنسان المبدع (المفهوم والتکوين)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الثقافة والمجتمع بالجامعة الکندية بدبي – ومعهد الشارقة للتراث -الإمارات العربية المتحدة - دبي

المستخلص

إن التعامل مع الصيغ الحضارية المستقبلية بتداعياتها واحتمالاتها المختلفة، بحاجة إلى إنسان يؤمن بأن المستقبل ليس وليد العوامل الموضوعية فحسب. بل إن المستقبل يُصنع من عواملٍ ذاتيةٍ في الإنسان (کالتطلع والطموح والإقدام والمغامرة والإبداع)، لذلک من الضرورة أن يکون ذلک الإنسان على قدرٍ کافٍ من القناعة التامة بقدرته على صنع المستقبل الذي يريد، لأن المستقبل ليس مجرد توقع أو تنبؤ بقدر ما هو اختراع وابتکار وصناعة الإبداع.
وما من مجتمع في هذا العالم إلا ويتلقى مناهج عمل حياته من بيئته التي يعيش عليها متأثراً بها ومؤثراً فيها خاصة فيما يتعلق بالمسلکيات الاجتماعية والثقافية والحضارية والاقتصادية والسياسية والتي تجسّد مطالب الشعب وطموحات([1]).
وبما أن الحضارة الإنسانية هي قيم عظيمة لإصلاح المجتمعات والشعوب بمختلف ثقافاته نرى أن رسول الإنسانية محمد صل الله عليه وسلم وضع قواعد هذه الحضارة المعنوية في حياة الإنسان وکان ذلک واضحاً في خطبته التي کانت في السنة العاشرة من الهجرة حيث وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع خطيباً في أصحابه، فبين تعاليم الدين العظيمة، ورسخ معاني الرفق والسلام، وشيد قيم الرحمة والتآلف، ووضح مفاهيم الاعتدال والسماحة والعيش المشترک بين البشر، قال عليه الصلاة والسلام في خطبة: ” يا أيها الناس؛ إن ربکم واحد، وإن أباکم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى، إن أکرمکم عند الله أتقاکم“([2]) ، فحقوق الناس محفوظة، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالإيمان الخالص، والعمل الصالح الذي يعود نفعه على الوطن والإنسان، فالإنسان هو محور التنمية المستدامة لذلک بقدر ما يکون لهذا الإنسان قيمة في ذاته وفي مجتمعه وفي ناسه يکون مبدعاً مقدماً بانياً لحضارته، مساهماً في المحافظة عليها؛ لأنها تشکل مسيرة المجتمع الذي ينتمي إليه. ومن هنا جاء موضوع البحث. وتحديد خطة للتعريف والوصول الى هدف من خلال الدراسة بتعريف الثقافة والعلم الذي يصل بينا الى تحديد ما هي الحضارة والمفهوم المجتمعي، والحصول على نتائج تحدد الشروط الواجب توافرها للمجتمع وحقوق الانسان، وتحديد الخصائص والقدرات المطلوبة لبناء الانسان المبدع.



([1]) سالم راشد القمزي، مجتمع الإمارات بين الماضي والحاضر، ط2003.


([2] )  حديث صحيح لغيره، شعب الإيمان للبيهقي، 4/289.