الحضارة الاسلامية..وحقوق الانسان ( الحرية والعدل نموذجا )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الأزهر فرع السادات- رئيس قسم أصول الدين - أستاذ العقيدة والفلسفة

المستخلص

اللهم صل وسلم وبارک على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه....وبعد:
 فى الواقع ومن الجدير بالذکر أن الحضارة الاسلامية الأساس والأصل فيها هو العدل فى حقوق الانسان؛هذا لأن تلک الحقوق أحکام شرعية ، أثبتها الشرع للإنسان تحقيقا لمصلحة الفرد خاصة , ومصلحة المجتمع کافة ، بتوازن دون خلل ولا إفراط ولاتفريط ، شاملة الحياة کلها ؛ لتحقيق الإصلاح والصلاح على الارض ، ومن ثم فإن الحقوق الاسلامية تکاليف وأحکام شرعية واجبة , على کافة الناس , کما هى لهم هى عليهم أوجبها الشرع الحکيم , ليعم الخير والسلام على الارض . وإن القرآن الکريم هو المصدر والأساس الأول لتشريع تلک الحقوق ، قال الله تعالى( وَلَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ کَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) 1
 ومصداقا لهذه الآية قال الله تعالى (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِکُمْ وَصَّاکُمْ بِهِ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ) ثم قال الله تعالى (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْکَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُکَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ کَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِکُمْ وَصَّاکُمْ بِهِ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ) لقد تضمن قوله سبحانه اهم وأصول الحقوق الإنسانية العامة , من حق الکرامة والعدل والوفاء بالعهود.
 وإن المصدر الثانى والاساسى فى تشريع تلک الحقوق السنة النبوية الشريفة , والتى توجب صيانتها واحترامها , من اهمها خطبة الوداع ، التى وضحت جريرة وعظم التفريط فى عمل تلک الحقوق : ولذلک هى وثيقة شاملة وکاملة , لحقوق الانسان على الارض الى يوم القيامة ، ونجد أيضا مما يجب ذکره صحيفة المدينة المنورة لرسول الله صل الله عليه وسلم المشهورة بأنها تضمنت حقوق المسلمين , و غير المسلمين ، وعلى هذا النهج الشرعى عمل الصحابة وتابيعهم بإحسان بتلک الحقوق ، وعليها قامت الحضارة الأسلامية . أعظم حضارة على الأرض .