يعد ورق البردي من أهم العوامل التي أسهمت في معرفتنا بالتاريخ القديم حيث كتبت الوثائق والسجلات التاريخية عليه وكانت مصر تتميز بصناعة ورق البردي ومن ثم تصديره لدول العالم ؛ والذي يعود تاريخه لعصر الدولة المصرية القديمة مما يجعله من الحرف المهنية المهمة بالتراث الشعبي المصري يستوجب توثيقها والحفاظ عليها ، وتُعد قرية القراموص التابعة لمحافظة الشرقية هي الوحيدة على مستوى العالم في زراعة وصناعة نبات وورق البردي بالوقت الحالي ؛ ولكن أصبحت حرفة صناعة ورق البردي مهددة بالانتهاء لعدة اسباب منها عمرانية كصعوبة الوصول للقرى التي يصنع بها الحرفة والتواصل الفعال للحرفيين مع منافذ البيع ومعمارية وإنسانية كتهيئة بيئة مكانية مناسبة لتطوير هذه الحرفة المهنية بسبب عدم التطور التكنولوجي للمعدات المصنعة .
لذلك يؤكد هذا البحث ضرورة تهيئة بيئة مكانية مناسبة لصناعة ورق البردي التي تمثل موروثا حضاريا فريدا ، والعمل على جعل التراث جزءا لا يتجزأ من الهيكل الاقتصادي والاجتماعي والعمراني لخطة المدينة ، وذلك من خلال الدراسة الميدانية والرفع العمراني لمكونات ورش الحرفيين التقليدية وتوثيق مكونات الفراغ المهني للحرفة عن طريق برامج المحاكاة لتشهد على تراثها الثقافي التي تنفرد به مصر .
ويخلص البحث إلى وضع استقراء وتوثيق مكونات الفراغات المهنية للحرفة علي المستوي العمراني والمعماري لكي تكون مرجع لنظريات العمارة الخاصه بتوثيق ورشه حرفيه متخصصه وإعتبارها تراثاً صناعياً ، مع توضيح ضرورة تبني سياسات تنفيذية تمكن من إعداد آلية لتشجيع الاستثمارات في مشاريع تطوير فراغات معمارية للحرف المهندية للحفاظ على هوية الحرفة ذات الطابع التراثي المميز للمدينة ، ووضع تصور لتصميم فراغات للورش المهنية لتفي بالمتطلبات الإنسانية والمهنية وتفي بمعايير الاستدامة لكي تكون نواة لإعادة إحياء الحرفة واستمرار نموها .