تجليات الرؤى الصوفية في فيلم بابا عزيز للمخرج التونسي ناصر خمير (دراسة تحليلية وصفية ذات طابع يجمع بين الاتجاه التشكيلي والأنثروبولوجي المرئي)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الديکور / الفنون التعبيرية/ کلية الفنون الجميلة / جامعة الأقصر / مصر

المستخلص

شكّلت الرؤى الصوفية حضورها الطاغي والمحسوس دائماً في أفلام المخرج التونسي ناصر خمير، من خلال إشراقات ذات طبيعة جمالية حسيّة ومعرفية لرحلة الإنسان عبر صحراء الكون، فقد كانت مفردة الصحراء فهي المسرح الدائم في أعماله، وغموض الهائمين بين كثبانها. قد تجلى ذلك بوضوح في فيلم "بابا عزيز" انتاج 2005، حيث سعى المخرج إلى تجسيد العلاقة المتناغمة بين الإنسان والفضاء الشاسع للصحراء، وعنها يقول خمير: "الصحراء أقرب شيء يعطي تجسيداً للكون عندما يتحول الإنسان إلى نقطة لا نهائية في فراغها الشاسع". ومن هنا تبعث أفلامه الإحساس بالتأملات الصوفية، وتتجلى فيها الأبعاد الجمالية لطبيعة الصحراء بحركات رمالها وتضاريسها وبراحبة مساحاتها وثراء حكاياتها التي تبثها النفس البشرية، وبطبيعتها النورانية المشرقة لتدركها الروح من خلال التأمل العميق الذي يلهم روح العارفين.

يسعى هذا البحث إلى تحليل أسلوب السرد البصري لفيلم "بابا عزيز" من واقع التجربة التشكيلية للمخرج ورصد الأبعاد الصوفية ذات الدلالات الأنثروبولوجية المرتبطة بالمرئي والمحسوس، مع بيان مدى مقاربة الإحساس الشاعري في أبعادها الروحانيّة والصوفيّة، واستحضار المعاني الكامنة للصحراء العربية، عبر تمكنه في رسم التكوينات التشكيلية لعالم الصحراء والتسلسلات الرملية المتقنة باستخدام لغة الكاميرا، والإشارة إلى الدلالات اللونية للأزياء والزخارف تجليات اللغة البصرية للفن الإسلامي، ذات الأبعاد الرمزية والفلسفية، مما يؤكد على الانتماء للهوية العربية. مع التركيز على الأبعاد الجمالية للشخصيات الصوفية الذين يعتنون بصفاء القلوب، والنظر بحكمة إلى عواقب الأمور، وهذا ما حاول المخرج التأكيد عليه من خلال الشخصية الرئيسية في الفيلم، والتي تنطوي على طابع الزهد، والذي يظهر رمزية أشبه بتجلٍ بصري عميق لمعانٍ فلسفية مجردة. تدعو المتلقي إلى التأمل، مما يعزز الشعور الإنساني بمقام التزكية لأهل الصفاء ويرقي الذائقة الجمالية.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية

ملفات

شارك

إرسال الاستشهاد إلى

الإحصائيات