التواصل هو المظلة الكبيرة التى تضم تحتها العديد من أشكال الثقافات والفنون، التي تهدف في إلى خلق تجربة بصرية ممتعة دون الاعتماد على فهم اللغة أو قراءة الكلمات ، وبناءا على هذا تُعد مفردات الرموز الصينية عناصر تشكيلية تحمل في طياتها صفات الدلالة والرمزية ، إلى جانب الاتزان والتناسب ، ما يمنحها تميّزًا بصريًا واضحًا ، إذ تتشكل هذه المفردات من النقطة، والخط، والمساحة، مرورًا بالحركة، والكتلة، والفراغ، ليصبح كل رمز بمفرده عملًا فنيًا تشكيليًا متكاملًا يستحق الدراسة والتحليل.
وتتحدد القيم التشكيلية للرموز الصينية من خلال شكل الرمز، وطبيعة بنائه وتركيبه الداخلي. فالرموز الصينية ليست مجرد أصوات أو رسوم تصويرية، بل تُعد نظامًا بصريًا شاملًا يتمتع بوظائف متعددة، كالصوت، والرمز، والدلالة، والتصوير، وتوفر هذه الشمولية مساحة واسعة للإبداع الفني، مما يجعل الرموز الصينية مجالًا خصبًا للتصميم، يمكن توظيفه في الأعمال التشكيلية والبيئية بمرونة وثراء بصري مميز.
مر تطور الرموز الصينية بمسيرة طويلة عبر التاريخ ، مما يؤكد على ذلك أنه نظام الرموز الوحيد الذى لا يزال قيد الإستخدام منذ الحضارات القديمة الى الأن ، وهذه الظاهرة جديرة بالدراسة ، خاصة أن السمة التى تجسدها الرموز الصينية هى الجمع بين الكتابة والرسم ، وهناك قول مأثور فى الصين منذ العصور القديمة وهو " للكتابة والرسم المنشأ نفسه " فمصدر الرموز الصينية هو شكل الصورة الأصلى والذى يتغير من الصورة الأصلية الى " رمز تعبيرى" ومن ثم ظهرت الكثير من الرموز التعبيرية . (4-ص90)
لم يكن عدد الرموز الصينية وبساطتها وتعقيدها وشكلها ونسبتها ثابتا على الإطلاق ، حيث تنبع الحيوية الكبيرة للرموز الصينية من قدرتها القوية على التكيف مع تطور التكنولوجيا والحياة الإجتماعية ، فمن أقدم فخار ملون والرسم على العظام ودروع السلاحف والكتابة على ألواح الخشب والخيزران حتى اختراع الورق وظهور الطباعة ، يمكننا رؤية التكيف الجيد للرموز الصينية مع متطلبات كل ثورة تكنولوجية .
لقد حمل الرمز الصيني إمكانيات فنية وتشكيلية تدعو إلى الإستفاده منه كقيمة تشكيلية قائمة بذاتها، لما في رموزه من تأثيرات خطيه تسهم في تحقيق القيم الجمالية والفنية ، فالخطوط تمتلك قيمة فنية ودلالة تشكيلية كبيرة ، إذ تسهم حركتها في إظهار الشكل النهائي للعمل الفني ، ويُعد تنوّع الخطوط سواء أكانت مستقيمة أو منكسرة أو منحنية، سميكة أو رفيعة، من العوامل التي تضيف بُعدًا جماليًا للرمز ، تمامًا كما تُحدث الموسيقى أثرًا جماليًا عبر تنوّع نغماتها بين العالية والمنخفضة.
ابراهيم مبروك, ساره. (2025). "التشكيل البنائى للرموز الصينية ودوره في إثراء العمل الجداري". مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية, 10(13), 849-867. doi: 10.21608/mjaf.2025.380483.3648
MLA
ساره ابراهيم مبروك. ""التشكيل البنائى للرموز الصينية ودوره في إثراء العمل الجداري"", مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية, 10, 13, 2025, 849-867. doi: 10.21608/mjaf.2025.380483.3648
HARVARD
ابراهيم مبروك, ساره. (2025). '"التشكيل البنائى للرموز الصينية ودوره في إثراء العمل الجداري"', مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية, 10(13), pp. 849-867. doi: 10.21608/mjaf.2025.380483.3648
VANCOUVER
ابراهيم مبروك, ساره. "التشكيل البنائى للرموز الصينية ودوره في إثراء العمل الجداري". مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية, 2025; 10(13): 849-867. doi: 10.21608/mjaf.2025.380483.3648