الفكر التصميمي والبعد النفسي لتصميم المدخل فى عمارة الدولة القديمة "دراسة تحليلة ميدانية"

لملخص



يتناول هذا البحث الأبعاد المفاهيمية والرمزية والنفسية لتصميم المداخل في عمارة مصر القديمة خلال عصر الدولة القديمة (حوالي 2686–2181 ق.م). وينظر إلى المداخل ليس باعتبارها مجرد فتحات معمارية أو عناصر إنشائية ضرورية، بل بوصفها مكونات مكانية جوهرية تحمل معاني ثقافية، وتشكّل تجربة المستخدم، وتؤثر في استجاباتهم النفسية. فقد عمل المدخل كمساحة انتقالية مادية ورمزية، تمثل المرور بين عوالم مختلفة: بين عالم الأحياء وعالم الأموات، وبين الزمن الفاني والأبدية، وبين المعروف والمجهول.



يركز البحث على تحليل نماذج معمارية مختارة، مثل مجموعة الملك زوسر الجنائزية بسقارة، والمجموعات الهرمية لخفرع وأوناس، بالإضافة إلى مقبرة مريروكا. ويستعرض كيف دمج المعماري المصري القديم بين وعيه بالبيئة، واستراتيجيات التشكيل الفراغي، والتوجيه الرمزي؛ لصناعة تجربة معمارية ذات أثر نفسي عميق. ويُعنى التحليل بعناصر التصميم مثل التوجيه نحو الأجرام السماوية، والعلاقات النسبية، واختيار الخامات، والبرامج الزخرفية، واستخدام الضوء والظل بشكل متعمد. جميع هذه العناصر عملت معًا لتشكيل رحلة حسية وانفعالية تمهّد نفسياً لدخول المساحات المقدسة أو الجنائزية.



ويُظهر البحث أن تصميم المدخل في عمارة الدولة القديمة لم يكن قرارًا وظيفيًا بحتًا، بل ممارسة تصميمية واعية تجمع بين العوامل الرمزية والبيئية والروحانية ضمن تشكيل معماري متكامل. ومن خلال دراسة هذه النماذج التاريخية، يقدّم البحث إطارًا يمكن الإفادة منه في الممارسات المعمارية المعاصرة، خاصة في تصميم الفراغات ذات الأبعاد الشعورية والهوية الثقافية.



تؤكد نتائج الدراسة أن المعماريين المصريين القدماء اهتموا بتجربة المستخدم وعلم النفس البيئى عند تصميم المدخل واستغل بيئته فى اضفاء الاثر النفسي المطلوب لكل مبنى، حيث لم يكن المكان مجرد بناء مادي، بل رحلة رمزية ونفسية أيضاً. وتُعد هذه الرؤية مصدر إلهام لتطوير تصميم المداخل الحديثة بمعايير أكثر عمقًا ثقافيًا وإنسانيًا.