كائنات المركبة على المخطوطات الإسلامية و الأوروبية - دراسة مقارنة

يتناول هذا البحث دراسة مقارنة للكائنات الخرافية والمركبة كما ظهرت في المخطوطات الإسلامية والأوروبية، من حيث أشكالها وأساليب تصويرها ودلالاتها الرمزية، ويكشف عن أوجه التشابه والاختلاف بين الحضارتين في توظيف هذه الكائنات داخل السياقات الفنية والدينية والثقافية. ويركز البحث على تحليل النماذج البصرية في عدد من المخطوطات، مثل "الشاهنامه" و"عجائب المخلوقات" في الفن الإسلامي، و"البيستياري" و"الكتاب المقدس المصور" في الفن الأوروبي، مبرزًا أثر التفاعلات الحضارية – عبر الترجمة والتجارة والحملات الصليبية – في انتقال الرموز والأساليب الفنية بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي. ويعتمد البحث على منهج وصفي تحليلي ومقارن، ويخلص إلى أن الكائنات المركبة لم تكن مجرد زخارف، بل عكست تصورات فكرية وأسطورية ودينية، وأسهمت في بناء رؤية بصرية خاصة بكل حضارة، مع تداخلات فنية واضحة تُبرز دور المخطوطات كمرآة حضارية للتبادل الثقافي والفنيشكّلت الكائنات الخرافية والمركبة جزءًا هامًا من المخيلة الإنسانية عبر العصور، إذ ظهرت في مختلف الثقافات كرموز للقوى الخارقة، أو كتعبيرات عن المخاوف والرغبات البشرية، أو كمجازات فلسفية ودينية وأسطورية. ويُعَدّ الفن، لا سيما فن المخطوطات، من أبرز الوسائط التي حفظت لنا تصوير هذه الكائنات وصياغتها البصرية، سواء في الحضارة الإسلامية أو الأوروبية.

ففي الفن الإسلامي، برغم الحذر من التصوير ذي الطابع التشبيهي، نجد حضورًا واضحًا للكائنات المركبة والخرافية في بعض المخطوطات مثل «عجائب المخلوقات» للقزويني، و«ألف ليلة وليلة»، وغيرها من المؤلفات التي مزجت بين الخيال والأسطورة والعلم. وقد اتسمت هذه الكائنات في المخطوطات الإسلامية بطابع زخرفي، وتعبيري، وأحيانًا رمزي عميق يرتبط بفلسفة الكون، أو بالتعاليم الأخلاقية، أو بالرؤية الدينية للعالم.

وفي المقابل، حظيت الكائنات الخرافية في المخطوطات الأوروبية، خصوصًا في العصور الوسطى وعصر النهضة، بمكانة بارزة، حيث تجسدت في كتب «البستياري» (Bestiary) ومخطوطات الرؤى الدينية مثل «الأبوكاليبس» (Apocalypse)، وكذلك في المخطوطات الأدبية والفروسية. وقد تنوّعت أغراض تصويرها بين الديني والتعليمي والتخييلي، واتخذت أبعادًا أسطورية وفلسفية أعمق، تعكس رؤية المجتمعات الأوروبية للعالم الغيبي، ولعالم الحيوان والطبيعة