استعادة الوظيفة الحضرية للفراغ العمراني في القاهرة التاريخية: دراسة حالة ميدان أصلان في الدرب الأحمر، القاهرة – مصر

تتناول هذه الدراسة أداء الفضاء العام الحضري داخل القاهرة التاريخية في مصر، من خلال دراسة حالة ميدان أصلان في حي الدرب الأحمر. يقع الميدان في سياق حضري كثيف السكان ومتعدد الطبقات الثقافية، تحيط به عمارة تراثية وورش محلية ومجتمعات سكنية. وعلى الرغم من إمكانيته ليكون مركزاً حيوياً للحياة المدنية، إلا أن ميدان أصلان يعاني من قيود مكانية واجتماعية وبيئية تحدّ من شمولية استخدامه وكفاءته الوظيفية.

تعتمد هذه الدراسة منهجية نوعية، تدمج بين الملاحظات الميدانية، والمخططات المكانية، والتوثيق الفوتوغرافي، والمقابلات مع السكان والمستخدمين. ويقيّم الإطار التحليلي خمسة أبعاد رئيسية: وضوح التكوين المكاني، وإمكانية الوصول، والراحة، والشمولية الاجتماعية، والدلالة الثقافية.

تشير النتائج إلى أن ميدان أصلان يحتفظ بارتباط قوي بالهوية المحلية والرمزية الثقافية، إلا أنه يفتقر إلى وضوح الحدود المكانية وتوافر المرافق العامة الأساسية. كما أن غياب المناطق المظللة، والإضاءة المناسبة، وأماكن الجلوس، وأولوية المشاة، يؤدي إلى محدودية المشاركة، خاصة بالنسبة للنساء والأطفال وكبار السن. ورغم أن الباعة الجائلين يضفون بعض الحيوية على المكان، فإن الأنشطة غير المنظمة تقلل من إمكانية الوصول والسلامة.



وبالمقارنة مع فضاءات عامة أخرى في القاهرة التاريخية مثل شارع المعز وميدان الحسين، يظهر أن ميدان أصلان أقل استخداماً وأكثر تهميشاً. ومع ذلك، فإن موقعه الاستراتيجي وأهميته الثقافية يجعلان منه مرشحاً مثالياً لتدخلات حضرية بسيطة.

وتختتم الدراسة بتوصيات لإحياء الميدان من خلال إجراءات تصميم حضري صغيرة النطاق وحساسة للطابع التراثي، تشمل تركيب أثاث حضري ملائم، وتحسين الراحة البيئية، وإدارة فعالة لمنع اقتحام المركبات، وإدخال برامج ثقافية مجتمعية. ويمكن أن تسهم هذه الإجراءات، مع تطبيق الحوكمة التشاركية، في إعادة ميدان أصلان كفضاء عام نشط اجتماعياً وواضح التكوين مكانياً.

وتسهم هذه الدراسة في النقاشات الأوسع حول تأهيل المدن التاريخية، من خلال التأكيد على دور الفضاءات العامة الصغيرة في دعم الحياة الحضرية والحفاظ على الذاكرة الجمعية.