إشکالية صورة الحضارة الإسلامية فى الخطاب الإعلامى المعاصر

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بأکاديمية الفنون - المعهد العالى للفنون الشعبية

المستخلص

قامت الحضارة الإسلامية على أسس عربية راسخة وتکونت فنونها حول محاور دينية عميقة، بفضل الروح الأسلامى التى عمت تلک الدول، فقد کان العرب على قسط وافر من سعة الأفق السياسى والحس الحضارى الرفيع للحفاظ على التقاليد الفنية والصناعية النافعة فى البلاد التى قاموا بفتحها بل وتنميتها وتقدمها وتطورها تبعا لتلک الروح والممارسات الإسلامية البارزة.
   فالفن الإسلامى لم يکن جامداً منذ القدم ، ولکنه اتصال بالفنون فى الشرق والغرب، مما ساعد على احتفاظه بحيويته وتطوره بفضل العلاقات التى قامت بين العالم الإسلامى والشرق الأقصى، ونجد أن الفنون التطبيقية والزخرفية احتلت مرکزا أساسيا بين الفنون الإسلامية کالسجاد والصوف والنسيج والفخار والخزف والمعادن والزجاج والخشب والعاج والجلود، بالإضافة للعمارة الإسلامية المميزة مثل المساجد والقلاع والأسوار والقصور والبيوت.
     ورغم وجودنا فى عالم الفضائيات وتکنولوجيا المعلومات والتطورات المتلاحقة والسريعة فى الصورة والصوت على حد سواء بل وفى الإعلام بشکل عام، نجد أن وضع التراث على خريطة الإعلام بمختلف أنواعه المرئى والمکتوب والمسموع لا يحظى بالاهتمام المرجو، فنشاهد العديد من الأجيال المعاصرة لا تعلم شيئا عن تراث بلادها وحضارتها وخاصة الحضارة الإسلامية العريقة، نظرا لضعف وضآلة المادة العلمية المعروضة عن جوانب ذلک التراث بمختلف مجالاته فى وسائل الإعلام المتنوعة ، وإن وجدت تلک المادة فلا توجد معايير محددة للتعامل مع ذلک التراث، فلا يوجد تنسيق بين الجهات المعنية بدراسة التراث الإسلامي والحضارة والفنون الإسلامية ووسائل الإعلام ؛ وذلک رغم ما تتمتع به حضارتنا الإسلامية من ثراء فکرى وفنى وإبداعى بمختلف مجالاته وتعدد أنواعه .
     فيوجد خلل فيما يتصل بقضية الخطاب الدينى المعاصر فى العالم الإسلامى لا يمکن تجاهله وهذا الخلل قد عبر عن نفسه بصور مختلفة وصلت لاختزال الإسلام فى الوقت الراهن فى کلمتين هما: الإرهاب والتخلف[1]، وذلک کان بمثابة نتيجة متوقعة لما نصدِّره للعرب عن إسلامنا من مغلوطات ، ولم يکن هذا الحال لفکرة الإسلام لدى الغرب منوط برأى الغربيين فقط فى المسلمين والعالم الإسلامى منوط برأى المسلمين فقط ، لکن ما نفعله کمسلمين أصبح سببا فيما وصلنا إليه ، ففى الوقت الذى کان العلم من حولنا يقفز قفزات نوعية فى مجال التقدم التقنى والمعرفى، کنا غارقين فى خلافات فرعية ومشاکل سوفسطائية غير مجدية حول قضايا شکلية ليست من أصول الدين ولا من مصلحة المسلمين ، کالخلافات حول صغار الأمور مثل الخلافات حول حکم حلق اللحية، ولبس اللباس الغربى وغيرها[2]، فحصرت مشاکل الإسلام فى أمور تافهة من وجهة نظر الغرب.
مشکلة البحث :
   تتضح فى عدم وجود منهجية محددة وواضحة لإبراز دور الحضارة والفنون الإسلامية بالشکل الأمثل داخل وسائل الإعلام بمختلف أشکاله، ونجد أن موضوعات التراث الإسلامى المعروض داخل وسائل الإعلام لا تعرض ما هو مرجو من إبراز وتعميق لصورة التراث، وتستخدم هذه الموضوعات کمواد ترفيهية کنوع من أنواع المنوعات وليس کمادة علمية أو تعليمية تخدم الفئات المختلفة فلا تجد الصور الفوتوغرافية ولا الأفلام المعبرة عن تلک الحضارة، وان وجدتها تصادفها العديد من المشکلات التقنية والفنية .
أهمية البحث:
   الوقوف على الدور الفعال الذى يجب أن تلعبه وسائل الإعلام فى إبراز دور الحضارة الإسلامية للعالم أجمع وتصحيح الصورة المغلوطة التى يصدرها العالم المغاير، مع الأستفادة من التطورات المتلاحقة فى مجال الاتصال الجماهيرى للصورة بمختلف أشکالها وتعدد إمکانياتها لعرضها لصورة الحضارة الإسلامية مع الترکيز على الوسائل السمعبصرية نظرا لسعة انتشارها وملاءمتها لمخاطبة القاعدة العريضة من الجماهير؛ وذلک عن طريق الاهتمام بالصورة المعروضة عن الحضارة الإسلامية بشکل عام، فإذا شاهد القضائية المصرية على سبيل المثال، فنجد أن الصورة فى العديد من البرامج التى تتناول الآثار الإسلامية تعرض الأثر کمکان تاريخى ملىء بالتواريخ والأرقام والأسماء وتُغفل التحدث عن عظمة الإسلام ورقى الفن الإسلامى ولا تبرز مواطن الجمال داخل الأثر، وهذه البرامج تکون فى إطار برامج تعليمية موجهة للأطفال، وأفلام تسجيلية فقيرة الإمکانيات والقيمة أنتجها التليفزيون المصرى بمبالغ ضئيلة وأمکانيات فقيرة فاخرجت لنا صورة رديئة لا تلفت ولا تجذب الأنتباه  . 
أهداف البحث:
1-تحديد وسائل الاتصال الجماهيرى المعنية بتقديم موضوعات التراث الإسلامى من صحف ومجلات وتليفزيون وسينما وراديو.
2- التعرف على الدور الإيجابى والسلبى الذى تلعبه وسائل الإعلام لموضوعات التراث الإسلامى والحضارة الإسلامية .
3- الإسهام فى الحفاظ على التراث الوثائقى والسمعى البصرى وتعزيز القدرات فى مجال حفظ التراث الاسلامى، کما أنه يجب توفير کافة الإمکانيات للحفاظ على هذا التراث الثقافي والسياسي والاجتماعي الذي يُعد مصدراً يؤرخ لحقبات مهمة من الزمن ليستفيد منها الأجيال القادمة؛ وذلک بعمل أرشيفات من الصور التى تتناول موضوعات التراث بمختلف أشکاله داخل المؤسسات المعنية بدراسة الإعلام، بالإضافة لعمل الأفلام التسجيلية والبرامج التعليمية والتثقيفية والتى تتناول کل بقعة تراثية ونقوم بعرضها وإذاعتها بشکل دورى داخل التليفزيونات وفى دور العرض  .
4- النظرة المستقبلية للإمکانيات التکنولوجية والفنية والتى يمکن استخدامها لتنمية مثل هذه الوسائل الإعلامية لخدمة الحضارة الإسلامية، مع الأخذ فى الاعتبار الدور الذى تلعبه التکنولوجيات الحديثة فى مجال الإعلام والاتصال الجماهيرى .
منهج البحث :
  المنهج الوصفى التحليلى والذى يستخدم المنهج الوصفي في دراسة الأوضاع الراهنة للظواهر من حيث خصائصها وأشکالها وعلاقاتها والعوامل المؤثرة في ذلک وتحليلها للوقوف على حلول لمعالجة الموضوع.
 والمنهج التاريخي والذى يستخدم المنهج التاريخي في دراسة التاريخ بمعناه العام والذي يتمثل في دراسة الماضي بمختلف أحداثه وظواهره .
ويوجد بعض النقاط التى تحکم التعامل مع موضوعات التراث الإسلامى داخل وسائل الاتصال الجماهيرى.